Thursday, July 12, 2012

أصداء - بقلم أسامة عفيفى



المجلة...؟! لماذا الآن
بقلم أسامة عفيفى 

سألتني مندهشة:.. المجلة..؟!! لماذا الآن؟!.. هل هو الحنين للماضي؟! أم التمترس خلف اسم محترم لضمان التوزيع؟!ابتسمت وقلت: بل إن موعدها الطبيعي يا سيدتي الآن... هذه المجلة كانت منارة صرحية للمعرفة والعقل منذ الخمسينيات، وحتى إغلاقها في منتصف السبعينيات...

أسسها مثقفو مصر في الخمسينيات عندما اكتملت ثورية ثورة يوليو – بالتحديد – بعدما انتصرت مصر ضد العدوان الثلاثي في معركة التأميم، واكتمال وعي الثورة الثوري التحرري، وقيادتها لمعركة الأحلاف، وتأسيس عدم الانحياز، واعتلاء مصر مكانها الطبيعي في قيادة حركة التحرر الوطني عربياً، وأفريقياً، وعالمياً...

في هذه اللحظة التاريخية الفارقة كانت القاهرة بحاجة إلى "دورية ثقافية" تربط مصر معرفياً بالعالم، وتؤسس تياراً عقلانياً ينشر الوعي في ربوع الوطن العربي... فالمعرفة، والعقلانية يشكلان معاً الركيزة الأساسية للحداثة المجتمعية التي هي بوابة التقدم، والحرية، والعدل..

ولقد أخلص لهذه الرؤية رؤساء تحريرها الرواد "د. محمد عوض محمد، ود. حسين فوزي، ود. علي الراعي، ود. يحيي حقي، ود. شكري عياد، ود. عبد القادر القط.." واستطاعت المجلة عبر مسيرتها أن تؤسس منهجاً معرفياً عقلانياً؛ فتحولت إلى منارة ثقافية ترسل إشعاعها الفكري الحر من القاهرة إلى كافة أطراف الوطن العربي.

وعندما أغلقها "السادات" في أول السبعينيات هي وست مجلات أخرى فيما عرف بقرار "إطفاء المصابيح الثقافية" كان يمهد – بوعي – لسلخ مصر عن جسدها العربي، وتقليص دورها التحرري في أفريقيا، والعالم الثالث – لتتقوقع داخل حدودها.. مقلمة الأظافر – كما أرادها المشروع الأمريكي المعد للسيطرة على المنطقة.

فتمت جريمة تجريف الوعي، والمعرفة، والعقلانية لصالح الطبقات الطفيلية، والرأسمالية التابعة، والتيارات العنصرية اللاعقلانية المتعصبة ضيقة الأفق.. تلك التي سادت المجتمع منذ منتصف السبعينيات وحتى إسقاط نظام "مبارك" في 25 يناير 2011.

قالت: إذن أنت ترى أن ثورة 25 يناير تحتاج مجدداً لنفس المطبوعة مرةً أخرى.. أو بمعنى أدق لنفس الدور؟! أليس كذلك؟!

قلت: هذا بالضبط ما أراه ضرورياً الآن، فالثورة قامت ضد الاستبداد، والفقر، والتخلف، والتبعية لتحقيق مجتمع الحداثة الجديد الذي سيحقق الحرية، والعدالة، والتقدم، والاستقلال الوطني الحقيقي.. ولا حداثة بدون المعرفة، والعقل. هنا يصبح اسم "المجلة" رمزاً، ورايةً خفاقةً ينبغي أن نلتف – نحن المثقفين – حولها لتعود من جديد لنسطر فيها اجتهاداتنا، وإبداعاتنا لأنها "سجل الثقافة الرفيعة" الذي هو سجل المعرفة، والعقل.. سجل الحداثة المنفتح على التجارب الإنسانية يأخذ منها ويعطيها فتعود الحيوية إلى روح الأمة، وتتحول الطاقة الثورية التي هدمت نظام مبارك الفاسد في 25 يناير،

إلى طاقة هائلة لبناء المستقبل الذي يحقق إنسانية الإنسان.

لذا فعودة "المجلة" فعل ثوري، يستهدف فتح أبواب المعرفة التي هي حقٌ أصيل من حقوق الإنسان العربي، وإعلاءٌ من شأن العقل الذي هو أجمل ما وهب الله للإنسان.

لنحارب الاستبداد والعنصرية والدجل والخرافة والتخلف والتبعية التي فرضت على هذه الأمة منذ منتصف السبعينيات وحتى رحيل مبارك، فالمجلة كانت وستظل ساحةً تتسع للآراء والاجتهادات تؤمن بالتجاور من أجل التحاور الخلاق الذي يتسع صدره للجميع.. ولا يضيق بخلاف أو اختلاف وستظل أيضاً سجلاً لآراء واجتهادات وإبداعات عقول الأمة العربية في سعيها المخلص لتحديث المجتمع العربي ليتجلى نور العقل.. وجمال المعرفة




بقلم أسامة عفيفى
العدد الأول - إبريل 2012 
مجلة المجلة - سجل الثقافة الرفيعة